الصفحة الرئيسية  اقتصاد

اقتصاد صفقة عموميّة في «الكنام»: هل ستعود بالنفع على شركاتنا الوطنية، أم ستكون غالبية عائداتها في خزينة الشركات الأجنبية؟

نشر في  20 سبتمبر 2016  (14:19)

لئن كان منطق السوق والمنافسة يقتضي السّماح للشركات الأجنبية والمحلّية بالمشاركة في المناقصات وطلبات العروض التي تتقدّم بها المؤسّسات العموميّة، فإنّ سؤالا ملحّا بات يطرح نفسه بشدّة اليوم: أفليس من الضروري اعادة النظر في هذه النقطة بهدف اعطاء الأولوية للشركات التونسيّة، تلك التي تساهم في التنمية المحلية، وتشغّل اليد العاملة التونسية من ناحية، والنهوض بشركات تكنولوجيا المعلوماتية التي أصبحت حكومات مابعد الثورة تراهن على ضرورة النهوض بها ومساعدتها لكي تصبح بدورها قطباً مشغلاً لخريجي جامعتنا وأيضاً مصدراً لمنتجاتها ودافعاً لعجلة إقتصاد بلادنا عن طريق جلب العملة الصعبة من ناحية أخرى؟

لقد فازت في الماضي عديدة الشركات الأجنبية بصفقات تونسية مقابل مئات المليارات من مليماتنا التي غادرت البلاد -بالعملة الصعبة- لتملأ خزائن مؤسّسات أوروبّية أو أمريكيّة، وقد يكون هذا الأمر بديهيّا بالنّظر لما يذهب في ظن أصحاب القرار في المؤسسات العمومية من أنّ الشركات الأجنبية وحدها من يمتلك التفوق التكنولوجي، في ما يتحدث البعض عن رفع مستوى الشروط -من قبل من لهم صلة بهذه الشركات- بصفة تجعله متناسباً مع شركة أجنبية معيّنة دون غيرها.

انّ الوضع الذي تمرّ به بلادنا والصعوبات التي يعرفها اقتصادنا الوطني تدفعنا للتفكير في ضرورة تمييز الشركات التونسيّة التي يتوفّر فيها قدر من الجدّية حتى لا تجد نفسها مقصاة من الحراك الاقتصادي في البلاد ولا تضطرّ هي الأخرى للتفريط في يدها العاملة جراء الوضع الاقتصادي الصعب الذي لم يعد خافيا على أحد.

لا يخفى على أحد أنّ قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، يعتبر من أحسن القطاعات أداءً على الصعيد الاقتصادي في العشرية الأخيرة: نسبة نموّ سنوي للقيمة المضافة للقطاع تقارب 17%، مساهمة بنسبة 10% في الاستثمارات الجملية بالبلاد وبنسبة 12% في خلق مواطن الشغل (مؤشرات الادارة العامة للإقتصاد الرسمي والاستثمار والاحصاء 2014).

هذا الأداء مازال يترك مجالاً للتحسين، إذ لا يختلف اثنان في أنّ هذا القطاع استراتيجيٌّ لتنمية الاقتصاد التونسي بكلّ مكوّناته، حيث تبقى إمكانيات تصدير الخدمات إلى الفضاء الأورو-متوسطي هامّة للغاية، كما تبقى قدرة تونس على الالتحاق بالثورة الصناعية الثالثة من الباب الكبير في المتناول.

وفي هذا السياق، يمكن ضرب مثال الصندوق الوطني للتأمين على المرض (الكنام) الذي أطلق منذ اشهر طلب عروض لإعداد بطاقة الكترونيّة ذكية لفائدة منخرطي الكنام، ستسمح بتجاوز مشاكل سوء الاستغلال وبترشيد التكفّل واحكام التصرّف في منظومة التأمين على المرض مثلما ذكره المكلف بالاتصال ومدير التأمين على المرض بالصندوق يونس بن نجمة.

فهل ستؤول هذه الصفقة الى تجمعات متكونة في معظمها من شركات تونسية أم ستفوز بها شركات أجنبية؟

في ظلّ ما تعرفه بلادنا من صعوبات، نرجو أن تكون الإجابة تونسيّة، وأن تعود الصّفقة الى شركة تونسيّة، طبعا اذا ما كان عرضها تنافسيا ومتناسبا مع كراس الشروط الذي وضعه الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

وفي هذه الحالة، ستسمح الصفقة بدفع المؤسسات التونسيّة الى الواجهة مرّة أخرى، هذه المؤسسات التي توفّر مواطن الشغل محليا والتي بفضل جدّيتها وخبراتها بإمكانها ان تفتح آفاقا أخرى من خلال الانتدابات والتحصيل التكنولوجي والتوجه نحو التصدير خارج تونس.

كلّ أملنا أن تحظى اليد العاملة التونسية والخبرة التونسيّة بفرصة تثبت فيها ذاتها بما يدعم صورة تونس ككلّ في نهاية الأمر.

شيراز بن مراد